تخيّل معي
كيف بيكون متجرك لو عاملته كالبدوي مع ناقته؟
البدوي الذي يرعاها من يوم ولدت، يهتم بنموها، من نشاطها ، وغذائها،و نومها، حتى صوتها إذا تغيّر يفطن له.
كل همّه أن ناقته بخير، لأن عزّه معها، وسفره عليها، وصوته ما يعلو إلا بها
طيب مشروعك، وش فرقه عن الناقة؟
هو أيضا يحتاج الى عين تراقبه، وقلب يحبه، ويدٍ تصرف عليه، وصبرٍ يربيه
اللي يتعامل مع مشروعه كأنه رقم في دفتر أو "محاولة يمكن تنجح ويمكن لا" عمره ما يلقى العز.
لكن اللي يشوف مشروعه مثل البدوي مع ناقته هذا اللي يبني مجد
في قلب الصحراء، والريح تعصف بالرمال، البدوي يمشي وناقتـه ترافقه
إذا عطشت، سقاها من قربته ولو كان ظمآن.
إذا تعبت، أنزل الحمل عنها، ووقف حتى ترتاح.
إذا جاعت، قدّم لها العلف قبل أن يأكل .
حتى نومها له قيمة، ما يخلّيها في برد ولا حر، يرفع لها ظل أو يحطها في مكان آمن.
لأنه لا يراها مجرد دابة … هي الرفيق، هي المال، هي التي توصله الى أهله، والتي تقضي حاجته إذا ضاق به الحال.
يقول الشاعر:
**وإنّي وإن كنتُ ابنَ ماءٍ وصخرةٍ
فإنّي إلى نُعماكِ يا ناقتي أحنّ
وش معناته؟
أنه حتى أقسى قلب، يلين مع ناقته… لأنها جزء من حياته.
المشروع = الناقة
الحين خلنا نربط الصورة : مشروعك هو ناقتك
• إذا أهملته، يهملك.
• إذا رعيته، يرد لك الخير.
• إذا صبرت عليه، يكبر ويقوى.
اللي يفتح متجر ويتركه مهمل، مثل الذي يحبس ناقته بدون علف ولا ماء.
وش تتوقع؟ تنهك، وتسقم، ويمكن أن تموت.
لكن اللي يسقي مشروعه وقت الشدّة، ويهتم فيه بأدق تفاصيله… هذا اللي يفرح به، مثل البدوي يفرح يوم يرى ناقته قد سمِنت ،و قويت، واشتدت. في هذه الحاله إن اراد بيعها ربح، وإن أراد الاستمتاع معها فرح .
مثل ما قالوا الأولين:
"من رعى غنمه، غنم."
وكذلك من رعى مشروعه… نعم.
التفاصيل الصغيرة
تدري وش يفرق بين ناقة البدوي وناقة غيره؟ نعم التفاصيل.
اللي يسرّحها في مرعى طيب، أو يراقب صحتها حتى لا تمرض ، أو يداري خاطرها حتى لا تتضجر… هذه كلها أشياء صغيرة لكن تصنع الفرق.
ونفس الشي مع متجرك:
• صور منتجاتك مثل وبر الناقة: إذا نظيف، لامع، الناس تعجب فيه.
• ردودك على العملاء مثل صوت البدوي لناقته: إذا فيه حنية واهتمام، ترتاح وتِقبل.
• تجربة العميل مثل مرعى الناقة: إذا كان مريح، تستانس وتبقى.
يقولون: التفاصيل هي اللي تبني التجربة
وصدقني، التاجر اللي يهتم بأدق التفاصيل ما يطيح، حتى لو السوق يهتز.
تدري وش يميّزنا كسعوديين؟
مو بس النفط، ولا الابراج، ولا التطور.
يميزنا شي أعمق: عزّنا بطيبنا، عزّنا بقيمنا، عزّنا بتراثنا.
البدوي كان يقول: "العز بالنّاقة، والكرم في الضيافة."
واليوم نقول: العز بمشاريعنا اللي تعكس قيمنا.
التاجر السعودي إذا اهتم بعميله، اعطاه حقه،و خدمه بابتسامة… ترى هذا ما هو "خدمة عملاء" وبس، هذا امتداد لتراث الكرم اللي توارثناه.
مثل ما قال شاعرنا:
**نحن قومٌ إذا ضاق الزمانُ بنا
اتسعت أخلاقُنا بالطيب والعزّة
قصص واقعية
خلني أقول لك أمثلة من السوق:
• عبدالله العثيم: بدأ من بقالة صغيرة في الرياض، لكن لأنه كان يرعى مشروعه مثل ناقته، يتابع كل تفاصيله، صار عنده اليوم سلسلة أسواق كبرى.
• سليمان الراجحي: ما طلع ثروته من فراغ. بدأ من محل صرافة صغير، بس لأنه كان يشوف مشروعه ناقته، يرعاه بجد، صار من أغنى أغنياء العالم.
• وعلى العكس… كم واحد فتح مطعم أو متجر إلكتروني وقال: "خلّه يشتغل بروحه"؟ بعد كم شهر، سكّر أبوابه. ليه؟ لأنه ما أعطاه الرعاية، ولا حب التفاصيل.
مثل ما قالوا: "المال بلا رعاية، كزرعٍ بلا ماء."
خلني أصارحك
متى آخر مرة سألت نفسك: وش يحتاج متجري اليوم؟
هل مرّيت على منتجاتك وتأكدت أنها تعرض بأجمل صورة؟
هل ردّيت على عميلك مثل ما تبي أحد يرد عليك لو كنت مكانه؟
هل حسّيت بمشروعك مثل ما البدوي يحس بناقته إذا شافها متعبه؟
تخيل معي…
لو تعاملت مع متجرك كأنه ناقتك، تحرص عليه في كل صغيرة وكبيرة، وش بيصير بعد سنة؟ سنتين؟
في النهاية مشروعك مثل ناقتك.
إذا أهملته، أطاح بك،
وإذا رعيته، رفعك وعلا بك.
إذا حبيته مثل ما البدوي يحب ناقته، واهتميت فيه مثل ما يهتم بغدوها ورواحها، وأكرمته مثل ما يكرم ضيفه
صدقني: بيوديك بعيد، بعيد جدًا.
مثل ما قال شاعر
من حب ناقته، ما ضام
ومن هملها، عاش يتندم.
مشروعك ناقتك والرعاية مو خيار، هي عزّك، وهي تراثك، وهي طريقك للنجاح.